ارتفاع الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي في عام 2025: العوامل الاقتصادية والسياسية المؤثرة​

0
26
الجنيه الإسترليني

شهد الجنيه الإسترليني ارتفاعًا ملحوظًا مقابل الدولار الأمريكي في عام 2025، حيث وصل إلى أعلى مستوياته في سبعة أشهر. يُعزى هذا الأداء إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية والسياسية التي أثرت على كلا العملتين. في هذا المقال، سنستعرض الأسباب الرئيسية لهذا الارتفاع، ونحلل تأثير السياسات النقدية والتجارية في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، بالإضافة إلى التوقعات المستقبلية لسعر الصرف بين الجنيه الإسترليني والدولار الأمريكي.​

أداء الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي

في أبريل 2025، ارتفع زوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي إلى مستويات لم يشهدها منذ سبعة أشهر، متجاوزًا حاجز 1.34. يُعزى هذا الارتفاع إلى ضعف الدولار الأمريكي، الذي تأثر بالضغوط السياسية على الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، خاصة بعد تصريحات الرئيس ترامب التي أثارت مخاوف بشأن استقلالية البنك المركزي

العوامل الاقتصادية في المملكة المتحدة

رغم التحديات الاقتصادية التي تواجهها المملكة المتحدة، بما في ذلك تباطؤ النشاط الاقتصادي وارتفاع العجز في الميزانية، أظهر الجنيه الإسترليني مرونة ملحوظة. تشير البيانات إلى أن الاقتصاد البريطاني نما بنسبة 1.5% في عام 2024، متجاوزًا التوقعات السابقة. كما أن التوقعات تشير إلى أن بنك إنجلترا قد يتجه نحو تخفيض أسعار الفائدة بشكل تدريجي، مما قد يؤثر على أداء الجنيه في المستقبل. ​

السياسات النقدية في الولايات المتحدة

في المقابل، تأثر الدولار الأمريكي بالسياسات الاقتصادية والتجارية التي انتهجها الرئيس ترامب، خاصة فرض التعريفات الجمركية على بعض الواردات، مما أدى إلى توترات تجارية مع شركاء رئيسيين مثل الصين. هذا التصعيد في الحروب التجارية زاد من حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية، مما دفع المستثمرين إلى البحث عن ملاذات آمنة، وبالتالي تراجع الطلب على الدولار. ​

تأثير التوترات السياسية على الأسواق

أثارت تصريحات الرئيس ترامب بشأن رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، مخاوف المستثمرين بشأن استقرار السياسات النقدية الأمريكية. هذا التدخل السياسي في سياسات البنك المركزي أدى إلى تراجع الثقة في الدولار الأمريكي، مما ساهم في ارتفاع الجنيه الإسترليني. ​

التوقعات المستقبلية لسعر الصرف الجنيه الإسترليني

تشير التوقعات إلى أن الجنيه الإسترليني قد يواجه ضغوطًا في النصف الأول من عام 2025، خاصة إذا استمر بنك إنجلترا في تخفيض أسعار الفائدة. ومع ذلك، فإن التوترات السياسية والاقتصادية في الولايات المتحدة قد تستمر في التأثير سلبًا على الدولار الأمريكي، مما قد يدعم الجنيه الإسترليني على المدى المتوسط. ​

الضغوط السياسية تُضعف الدولار وتُربك الأسواق

جاءت خسائر الدولار يوم الثلاثاء امتدادًا لهبوط واسع بدأ في مطلع الأسبوع. فقد تراجع الدولار بشكل حاد بعد الانتقادات التي وجهها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لرئيس الفيدرالي، جيروم باول. وقد هاجم ترامب البنك المركزي علنًا بسبب “تباطؤه” في خفض أسعار الفائدة، مما أثار جدلًا واسعًا في الأوساط الاقتصادية. و كان هذا الهجوم الأخير ضمن سلسلة ضغوط سياسية بدأت قبل أيام وتصاعدت تدريجيًا.

من جانبه، يرى كيت جوكس، كبير محللي الصرف الأجنبي في سوسيتيه جنرال، أن السياسات الحمائية تزيد من مخاطر التضخم. وأوضح أن فرض رسوم جمركية على سلع لا تتوافر بدائل محلية لها سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار. وأضاف أن الولايات المتحدة تفتقر للطاقة الإنتاجية اللازمة لتعويض هذه السلع، مما يعزز من الضغوط التضخمية. وأكد أن هذه السياسات ستنعكس سلبًا على النمو الاقتصادي على المدى الطويل.

علاوة على ذلك، أشار جوكس إلى أن تدخل السياسة في قرارات الفيدرالي زاد من حالة عدم اليقين. وقال إن تراكم الاختلالات في تدفقات الاستثمار الدولية يُشكل خطرًا هيكليًا كبيرًا. ووصف تلك الحالة بأنها خلل مستمر منذ انتهاء نظام بريتون وودز، ما يجعل الدولار عرضة لتراجعات حادة. وأضاف أن هذه العوامل مجتمعة تُشكل “وصفة مؤكدة” لانخفاض مستمر في قيمة الدولار الأمريكي.

وتُظهر تقارير الأسواق أن البيت الأبيض يضغط بشدة لتغيير سياسة الفائدة الحالية. وقد أثار هذا الضغط السياسي قلق المتعاملين، لا سيما في ظل مؤشرات على عودة التضخم. كما يشعر المستثمرون بقلق متزايد إزاء إمكانية تسجيل الأسواق الأمريكية مزيدًا من الخسائر. ويأتي ذلك في وقت تواجه فيه الأصول الأمريكية رياحًا معاكسة بالفعل، ما يضعف من جاذبيتها الاستثمارية.

الجنيه الإسترليني يتجه للارتفاع، مع غناء السوق

ظل زوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي قريبًا من أعلى مستوياته في سبعة أشهر. واستمر في التقدم خلال تداولات أوروبا وأمريكا الشمالية يوم الثلاثاء. اقترب من اختراق مستوى المقاومة الرئيسي عند 1.3427، وفقًا للرسوم البيانية الفنية. يتزامن هذا المستوى مع تصحيح فيبوناتشي بنسبة 78.6٪ للاتجاه الهابط من يونيو 2021 إلى سبتمبر 2022.

في المقابل، بقي الدولار الأمريكي ضعيفًا أمام معظم العملات الرئيسية. رغم استقرار سوق الخزانة بعد ضعف السيولة في تعاملات عيد الفصح يوم الاثنين. هذا يشير إلى تنامي الضغط الصعودي لاحتمال اختراق حاد إلى الأعلى.

صرّح مايكل إيفري، الخبير في رابوبانك، أن: “ترامب يقول ما يقوله محللو الفيدرالي، ولكن بأسلوب فظ”. وأضاف أن انتقاد السياسيين لبنك مركزي مستقل لا يُسمح به كما يُسمح للمحللين والمستثمرين. ورأى أن ذلك يعكس اختلالًا في النظام الليبرالي العالمي الحالي.

الضغوط السياسية تُضعف الدولار وتُربك الأسواق

جاءت خسائر الدولار يوم الثلاثاء امتدادًا لهبوط واسع بدأ في مطلع الأسبوع. فقد تراجع الدولار بعد انتقادات ترامب لرئيس الفيدرالي، جيروم باول، بسبب أسعار الفائدة المرتفعة. كانت هذه التصريحات جزءًا من سلسلة ضغوط بدأت قبل أسبوع.

يرى كيت جوكس، كبير محللي الصرف في سوسيتيه جنرال، أن الرسوم الجمركية تثير التضخم. وأوضح أن فرضها على سلع بلا بدائل محلية سيزيد التكاليف. وأشار إلى أن الولايات المتحدة تفتقر للطاقة الإنتاجية لتعويض النقص، مما يُضعف النمو. وأكد أن التدخل السياسي في سياسة الفيدرالي يضاعف حالة عدم اليقين. ووصف جوكس الوضع بأنه وصفة لانخفاض حاد في قيمة الدولار.

وأعرب المستثمرون عن قلقهم من احتمال عودة التضخم بقوة. كما يخشون من هبوط إضافي في الأسواق الأمريكية. في ظل وجود رياح معاكسة تضرب الأصول الأمريكية، تزداد حدة التوتر في الأسواق.

سحب رؤوس الأموال من أمريكا وتراجع الثقة في الدولار

قالت سارة ينج، رئيسة استراتيجيات النقد في سي آي بي سي، إن السوق بدأت تسحب رؤوس الأموال من أمريكا. وأوضحت أن المخاوف بشأن استقلال الفيدرالي وزيادة التعريفات أدت إلى نزوح استثماري.

تراجعت الأسواق بعد إدراك المستثمرين لتأثير التعريفات على أرباح الشركات

وأضافت أن هناك تكهنات حول بيع السندات الأمريكية من قبل حسابات أجنبية كبيرة. وأكدت أن مجرد وجود هذه التكهنات يضغط على السوق، بغض النظر عن تحققها الفعلي.

جاءت هذه المخاوف بعد صدمة إعلان ترامب عن رسوم جمركية في ما سُمي بـ”يوم التحرير”. أعقب الإعلان هبوط حاد في الأسهم والسندات والدولار الأمريكي.

تراجعت الأسواق بعد إدراك المستثمرين لتأثير التعريفات على أرباح الشركات. وأصبح من الصعب تبرير التقييمات المرتفعة للأسهم. إذ لا توجد نماذج مالية يمكن أن تدافع عن هذه الأسعار وسط هذا التوتر.

أشار إلى أن انخفاض السندات اليابانية الطويلة بحدة يُظهر تغيرًا في الديناميكيات التقليدية. وتساءل عن استمرار هيمنة الدولار كعملة احتياطية عالمية.

في الوقت ذاته، زادت الضغوط على العملة الصينية بعد إعلان ترامب عن الرسوم الجمركية. دفع ذلك بنك الشعب الصيني للتدخل وتعديل سعر الصرف المركزي للرنمينبي.

ثبت البنك سعر الدولار/اليوان عند مستوى مرتفع قليلًا يوم الثلاثاء. انخفض اليوان بمقدار 19 نقطة أساس إلى 7.2074، ما دفع الزوج للارتفاع.

سجل زوج الدولار/اليوان زيادة بنسبة 0.15% إلى 7.3070 بعد إعلان التثبيت. وكان السوق يتوقع تثبيتًا أقوى لليوان بعد ضعف الدولار يوم الاثنين.

أوضحت ينج من سي آي بي سي أن ذلك أطلق زخمًا صعوديًا جديدًا للزوج. وأشارت إلى أن التدخل الصيني هدفه الحد من تأثير ضعف الدولار على عملتهم.

يُظهر تحليل أداء الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي في عام 2025 أن العوامل الاقتصادية والسياسية تلعب دورًا حاسمًا في تحديد اتجاهات سوق العملات. بينما تواجه المملكة المتحدة تحديات اقتصادية، فإن التوترات السياسية في الولايات المتحدة قد تستمر في التأثير على الدولار الأمريكي. لذلك، من المهم للمستثمرين متابعة التطورات الاقتصادية والسياسية في كلا البلدين لاتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة.​

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا